قـــــصـــــة و شــــــــعر
قصة قصيدة وإن سنام المجد من آل هاشم:
أما عن مناسبة قصيدة “وإن سنام المجد من آل هاشم” فيروى بأن أبو سفيان بن الحارث وهو أخو الرسول في الرضاعة وابن عمه قد قال في الرسول صل الله عليه وسلم شعرًا، وعندما وصل هذا الشعر إلى الرسول شقّ عليه، فبعث في طلب عبد الله بن رواحه، وعندما أتاه استنشده الرسول، فأنشده، فقال له: أنت شاعر كريم، ثم بعث في طلب كعب بن مالك، وعندما أتاه استنشده هو الآخر، فأنشده.
فقال له الرسول: أنت تحسن صفة الحرب، ثم بعث في طلب حسان بن ثابت، وعندما أتاه قال له: أجب عني، فقال له حسان بن ثابت: والذي بعثك بالحق يا رسول الله إني لا أحب أن لي مقولا في معد، ولو أن هنالك لسانًا شق الشعر وقطع الشعر لقطعه، ثم طلب من الرسول أن يهجو با سفيان، فقال له الرسول: كيف وبيني وبينه الرحم التي قد علمت؟، فقال له حسان بن ثابت: أسلك منه كما تسل الشعرة من العجين، فأخبره الرسول بأن يذهب إلى أبي بكر الصديق فهو من أعلم الناس بأنساب قريش، وباقي العرب.
فتوجه حسان بن ثابت إلى أبي بكر، وأخبره بخبر أبي سفيان، فلخص له أبو بكر نسب النبي صل الله عليه وسلم، ونسب أبو سفيان، فأنشد حسان بن ثابت قائلًا:
وَإِنَّ سَنامَ المَجدِ مِن آلِ هاشِمٍ
بَنو بِنتِ مَخزومٍ وَوالِدُكَ العَبدُ
وَما وَلَدَت أَفناءُ زُهرَةَ مِنكُمُ
كَريماً وَلَم يَقرَب عَجائِزَكَ المَجدُ
وَلَستُ كَعَبّاسٍ وَلا كَاِبنِ أُمِّهِ
وَلَكِن هُجَينٌ لَيسَ يورى لَهُ زَندُ
وبذلك قام حسان بن ثابت بهجو أبا سفيان ولكنه لم يمس نسب الرسول به حيث قام بهجوه من جهة أمه، وعندما وصل شعره إلى أبو سفيان، قال: إن هذا الشعر لم يغب عنه أبو بكر.
قصة قصيدة ولما رأيت القوم لا ود عندهم
أمّا عن مناسبة قصيدة “ولما رأيت القوم لا ود عندهم” فيروى بأن قريشًا عندما رأوا ما أصبح عليه رسول الله صل الله عليه وسلم من قوة، أجمعوا على قتله، فطلبوا من عمه أبي طالب أن يجعل بينهم وبينه سبيلًا، ولكنّه رفض، وطلب نصرة أقاربه من بني هشام، فاجتمعوا جميعًا المؤمنين منهم والكافرين على أن ينصروه، ووصل خبر ذلك إلى قريش، فأجمعوا على أن لا يتعاملوا مع بني هاشم، ولا يدخلوا إلى بيوتهم، حتى يقوموا بتسليم رسول الله إليهم، لكي يقوموا بقتله، وكتبوا بذلك صحيفة تضمنت أن لا يقبل أحد منهم الصلح مع بني هاشم وأن لا يرأفوا بهم، حتى يقوموا بتسليم رسول الله لهم.
فتوجه بنوا هاشم إلى شعبهم في مكة ومكثوا فيها، وبقوا فيها ما يزيد عن الثلاث سنين، واشتدت عليهم الحياة، ولم يكونوا قادرين على الشراء من أسواق مكة المكرمة، وكانوا إن أراد أحد التجار من خارج مكة الدخول إلى مكة استقبلوه، واستروا ما معه، لكي لا يستطيع بنو هاشم شراء أي شيء منه، حتى كان أهل قريش يسمعون صوت نساء بني هاشم يصرخن من شدة الجوع، وقسا أهل قريش على كل من كان يدخل الإسلام، وكانوا يمسكون المسلمين، ويوثقوهم، وكان أبو طالب إذا أراد النبي صل الله عليه وسلم أن ينام يضعه في فراشه، حتى يرى ذلك من يريد أن يقتله، وإذا نام الناس، أخرجه من الفراش، ووضع مكانه أحدًا من أبنائه، أو إخوانه، وفي خبر ذلك أنشد أبو طالب قائلًا:
وَلَمّا رَأَيتُ القَومَ لا وُدَّ عِندَهُم
وَقَد قَطَعوا كُلَّ العُرى وَالوَسائِلِ
وَقَد صارَحونا بِالعَداوَةِ وَالأَذى
وَقَد طاوَعُوا أَمرَ العَدوِّ المُزايِلِ
وَقَد حالَفوا قَوماً عَلَينا أَظِنَّةً
يَعضّونَ غَيظاً خَلفَنا بِالأَنامِلِ
صَبَرتُ لَهُم نَفسي بِسَمراءَ سَمحَةٍ
وَأَبيَضَ عَضبٍ مِن تُراثِ المقاوِلِ
وَأَحضَرتُ عِندَ البَيتِ رَهطي وَإِخوَتي
وَأَمسَكتُ مِن أَثوابِهِ بِالوَصائِلِ
قِياماً مَعاً مُستَقبِلينَ رِتاجَهُ
لَدَى حَيثُ يَقضي نُسكَهُ كُلُّ نافِلِ
وَحَيثُ يُنيخُ الأَشعَرونَ ركابَهُم
بِمُفضى السُيولِ مِن إِسافٍ وَنائِلِ
مُوَسَّمَة الأَعضادِ أَو قَصَراتِها
مُخَيَّسَةٌ بَينَ السديسِ وَبازِلِ
تَرى الوَدعَ فيها وَالرُخامَ وَزينَةً
بِأَعناقِها مَعقودَةً كَالعَثاكِلِ
أَعوذُ بِرَبِّ الناسِ مِن كُلِّ طاعِنٍ
عَلَينا بِسوءٍ أَو مُلِحٍّ بِباطِلِ
القتَّال